صورة الملف الشخصي

manalabdelhamed

0 من 5
‫0 تقييم
    • Profile picture of manalabdelhamed

      manalabdelhamed دوّن  في المجموعة تصوير المنتجات ومقاطع فيديو

      منذ 2 سنة, 5 شهر

      #جرائم_تاريخية
      #ميدوسا_سفينة_أكلي_لحوم_البشر

      146 رجل وامرأة وطفل على ظهر طوف خشبي كبير ، يعبر المحيط الأطلسي الهائج متتبعا قوارب النجاة التي تحمل ركاب سفينته الأم ، الميدوسا تعيسة الحظ ، مائة وستة وأربعين شخصا أجبروا على الجلوس فوق قطعة خشبية طافية ، لكن سرعان ما تخلي عنهم الجميع وتُركوا لمصيرهم ،وبعد رحلة استغرقت اثني عشر يوما تم إنقاذ الطوف بمصادفة قدرية ، لكن لم يكن على سطحه إلا خمسة عشر شخصا ،أما الباقين فقد انتحروا بإلقاء نفسهم في الماء ، أو ماتوا جوعا ، أو أصبحوا طعاما لوحوش البحر ، لكن ليس الأسماك والحيتان القاتلة بل الوحوش التي كانت معهم على متن الطوف ، فالخمسة عشر ناجيا الذين وصلوا إلي الشاطئ أخيرا لم يكونوا إلا آكلة لحوم بشر !
      لكن هل يمكن أن يؤدي انعدام الخبرة ،والإقدام على عمل ما دون تأهيل كاف إلي مثل هذه الحادثة التاريخية المروعة .. لعل السطور القادمة تثبت ذلك !

      في عام 1807م، وفي مدينة نانت الفرنسية ، تم تدشين فرقاطة جديدة حملت اسم ميدوسا Medusa، نسبة للشخصية الأسطورية الشهيرة في الميثولوجيا الإغريقية ، وقد كانت ميدوسا مجهزة جيدا ومزودة بأربعين مدفع ، وقد نزلت الفرقاطة ساحة الوغي في عام 1810م ،وشاركت في المرحلة الأخيرة من الحروب النابليونية وقامت بعدة مهمات في البحر الكاريبي ، وبعد استرداد آل بوربون للحكم تحولت ميدوسا إلي مهام نقل المسئولين والمكلفين الفرنسيين ، تحت تأمين السلاح ، إلي السنغال ، بالتحديد ميناء سانت لويس port of Saint-Louis ، وكان الهدف هو مواصلة الجهود الفرنسية لإنشاء مستعمرة فرنسية متكاملة في هذه البلاد النائية .. إذن كانت ميدوسا سفينة قوية ، معدة جيدا لمهامها ، يقودها ربابنة أكفاء وذوي خبرات واسعة.
      غير أن القدر اختار للميدوسا نهاية مأساوية ومرعبة في آن واحد .
      ففي السابع عشر من يونيو عام 1816م أبحرت ميدوسا بقيادة قائد جديد ، وهو ” هيوج دوري دو شوماري Hugues Duroy de Chaumareys ، الذي كان لسوء الحظ يتولى مسئولية القيادة على متن هذا النوع من القطع البحرية لأول مرة ، بل في الحقيقة هو لم يقود سفينة ، من أي نوع كانت ، من قبل أبدا !
      الأكثر خطورة أن الكابتن ” دو شوماري ” لم يركب البحر طوال حوالي عشرين عاما ، بل تم اختياره لهذا العمل كنوع من المكافأة له من قبل الملك لويس الثامن عشر Louis XVIII ،بسبب كونه من داعمي أسرة البوربون الحاكمة ، وعلى كل حال أبحرت الميدوسا تحت توجيه رجل ،يمكن وصفه بدون أي تحامل بأنه عديم الخبرة !
      انطلقت السفينة تحمل على متنها حاكم المستوطنة الفرنسية الجديدة ، وعددا من المسئولين ، وزوجاتهم ، والجنود المسلحين ، وبضائع وسلع تخص عدة شركات ، ومدافع وذخائر ، وكل ما قد تحتاجه المستوطنة الجاري إنشاءها ، وكانت كل الأمور تبشر بأن تصل السفينة إلي هدفها بأمان ، ولم تكن الميدوسا وحدها ، بل إن سفنا أخري ، مخصصة لنفس الغرض ، كانت ترافقها في الإبحار ،السفينة التجارية لوار ، والسفينة الشراعية أرجوس،والطراد إكو ، أسطول فرنسي صغير يعبر إلي السنغال في هدوء وظروف مواتية ، لكن ما حدث أن القائد المخضرم ، وبسبب انعدام خبرته ، سقط في فخ محكم ، من الحواجز الرملية والشعاب المرجانية ، بسبب إبحاره على مسافة قريبة جدا من الشاطئ ، مما جعل السفينة مهددة بخطر الغرق بكل ما عليها ومن عليها ، وزاد الطينة بله انقطاع الاتصال بينه وبين بقية قطع القافلة، وهنا جاء أوان الاستفادة بالخبرة ،التي لم يكن لدي السيد ” شوماري ” أي قدر منها للأسف !
      وبدأ التخبط ،فالسفينة تكاد ترتطم بتجمع رملي كبير يغطي مسافة واسعة من القاع تحتها ، وكان الحل المتاح هو تخفيف حمولة السفينة لتطفو بأمان بعيدا عن الرمال ، ولكن ذلك كان معناه التضحية إما بالبضائع ، أو بالمدافع الثقيلة والذخائر التي تحملها السفينة ، وبسبب تردد القبطان وانعدام خبرته لم يستطع أن ينفذ أي فكرة مما عزم عليها لإنقاذ ميدوسا من الفخ ،الذي قادها إليه بسوء تصرفه .. وهكذا كانت المحاولة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه !
      وكانت الخطة إخلاء السفينة من ركابها ، باستخدام قوارب الإنقاذ ، ولما كانت القوارب لا تكفي لجميع الموجودين على سطح السفينة ، فقد فكر القائد الهمام في بناء طوف خشبي كبير ،لتوضع عليه البضائع ويجري قطره وربطه بالحبال إلي السفينة الأم ، ولكن لسوء الحظ فاجأتهم عاصفة أنذرت بغرق السفينة فاضطروا إلي إخلاءها على عجل وبدون تفكير ، وتم وضع الحاكم والأشخاص المهمين ، بما فيهم ” شوماري ” نفسه ، على القوارب الثلاث الملحقة بالسفينة ، والمخصصة للإنقاذ ، بينما اُستخدم الطوف الخشبي ،الذي كان بطول عشرين مترين وسبعة أمتار عرضا ،كقارب إنقاذ ،وأنزل إليه مائة وسبعة وأربعين شخصا ( 147 ) ،معظمهم من الجنود ، ولتجنب غرق الطوف تم ربطه بالقوارب الثلاث بالحبال ، ومضت القافلة البائسة بالقرب من ساحل موريتانيا ، وتسبب تزاحم الركاب على متن الطوف في سقوط بعضهم في الماء وغرقهم ، كان على الطوف مخزون كافي من الأغذية ، والحبال تربطهم بقوارب الإنقاذ ، لكن سوء الحظ أبي أن يفارق تلك القافلة البائسة التي يقودها رجل متهور عديم الخبرة ، ولما وجد أن عملية قطر الطوف تؤدي إلي زيادة خطر غرق قوارب الإنقاذ المحملة بالناجين وإبطاء حركتها، فقد قرر القيام بقطع الحبال التي تصل الطوف بالقوارب ، وترك القطعة الخشبية العائمة لمصيرها هي ومن عليها !
      عاني ركاب الطوف أولا من نقص المياه ، ثم اندلعت معارك بسبب الصراع على الأماكن الأكثر أمانا في وسط الطوف ، بينما كان الجالسون على أطرافه معرضون للسقوط في الماء عند أي ارتفاع في الأمواج، بدأ بعض اليائسين ينتحرون بالقفز في الماء ، وتاه الطوف بمن عليه ، ولما لم تكن هناك وسيلة لتوجيهه أو للتحكم في مساره ، فقد بدأت مأساة من أشهر المآسي التي شهدها تاريخ الإبحار في العالم بأسره ،كانت بداية الخطر الحقيقي هي إشراق اليوم الرابع على الطوف ومن فيه ،وقد نفد مخزون الطعام الموجود ،ولم يعد هناك ما يؤكل ،وبعد أن عضهم الجوع ولم يعد هناك من أمل في نجدة عاجلة شرعوا في العودة إلي وحشية الإنسان البدائي ،وسدوا جوعهم بلحم زملائهم تعساء الحظ الأضعف بدنيا على الطوف !
      بدأ راكبوا الطوف يأكلون اللحم البشري ، وخلال أثني عشر يوما أنخفض عدد ركاب الطوف إلي خمسة عشر راكبا فقط !
      الباقين غرقوا عفوا ، أو انتحروا يأسا ، أما أسوأهم حظا فقد أكلهم زملاءهم ، تاركين أشلاءهم متناثرة على السطح ،الذي تغطيه القاذورات وأشلاء من ماتوا ،أو بقايا لحومهم ،وقد بلغ من بشاعة ووحشية الناجين أنهم كانوا يحتفظون بقطع من جثث ضحاياهم ،ليجففوها في الشمس ويصنعوا منها لحم مقدد !
      أخيرا ،وبعد أن كادوا يفنون عن بكرة أبيهم ،عثرت السفينة الشراعية ” أرجوس ” بالصدفة على الطوف التابع للسفينة ميدوسا ، ونقلتهم إلي مستعمرة ” سانت لويس ” ، وهناك مات خمسة منهم ، بينما تماثل الباقون للشفاء !
      نُشرت القصة على نطاق واسع في 13 سبتمبر 1816م ،واعتبرت فضيحة لعائلة بوربون المالكة كلها ، وبسبب الضغوط أُحيل القبطان ” شوماري ” إلي المحاكمة ، وأدين بتهم الإقدام على الملاحة دون خبرة كافية ، ومغادرة السفينة ميدوسا قبل التأكد من نجاة جميع من فيها ،ظل على متن السفينة سبعة عشر رجلا ،لم يتبقى منهم بعد أربعة وخمسين يوما سوي ثلاثة فقط ، وحُكم عليه بعقوبة الإعدام .. غير أن الحكم خفف لاحقا إلي السجن لمدة ثلاث سنوات فقط !
      تم العثور على حطام السفينة ميدوسا عام 1980م ،بالقرب من ميناء نواديبو / موريتانيا .. والقطع التي تم تعريفها على نحو مؤكد موجودة حاليا في متحف البحرية الفرنسية في باريس !

      صورة الملف الشخصي ❤️

    الوسائط

    المجموعات

    إغلاق

    تسجيل دخول

    تسجيل

    الرجاء استخدام الأحرف والأرقام فقط بدون فراغات بين الكلمات

    إعادة تعيين كلمة المرور

    يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان البريد الإلكتروني الخاص بك ، وسوف تتلقى رابطًا لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.